السؤال:
لي صديق يدرس في الطائف وسكنه في مكة، ذكر لي أنه خلال سكنه في الطائف تعرف على فتاة وتعلق بها والتقى بها أكثر من مرة وحصل بينهم كل شيء إلا الزنا ويقول إنه يحبها وتحبه بجنون وطلب مني النصيحة.. وهو يعاني من شيئين: من التفكير ومن مطاردتها له وإرسال الرسائل، وهو الآن ما زال يسكن في الطائف في شقة لوحده ماذا أفعل معه؟
الجواب:
الحمد لله رب العالمين..
بداية أيها الأخ الكريم أشكر لك قيامك بحق صديقك في السؤال عنه ومتابعة أحواله وتذكيره بالله ونصحه فيما يستقيم معه حال في دينه ودنياه فكم من صديق كانت صداقته وبالًا على صاحبه وتبعة عليه وكم من صديق جر صاحبه إلى موارد اللهو واللغو وصحبه معه إلى مدارات البهتان، قال الله سبحانه: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} [الكهف: 28].
أما فيما يخص مشكلة صاحبك فإنني أراها من زوايا مختلفة:
الأولى: أن الوحدة والغربة والتفرد مدعاة إلى التوحش والرغبة في الائتناس.
ففي الغربة يستغل الشيطان وحدة المرء ويبعده عمن يعرف، وفي الاغتراب يسهل تسويل الشيطان للمرء بالخطايا.
فوحدة صاحبك هي أصل البلايا وتفرده في العيش هو دافع الشعور بالرغبة في عشق المرأة، لاسيما إن كان قلبه ضعيفا تجاه تلك الفتنة ففي الوحدة يبين المعدن ويظهر مقدار التقوى.
وكم من امرئ هو أمام الناس ناصع البياض لكنه في وحدته ملطخ بالآثام.
ثانيا: فراغ القلب من حب الله سبحانه وتعالى وفراغ الجوارح من الاشتغال بالعبادة مدعاة أخرى للسير وراء الفتن.
فالنفس إن لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية، وأنت ترى كيف حرص الإسلام على توظيف العبادات المختلفات طوال لحظات عمر الإنسان حتى يقول بعض الصالحين: (من تدبر في خلق أعضائه علم أنها لم تخلق إلا للعبادة).
ثالثا: العشق داء فتاك لا نستطيع أن نستهين به، وإياك أيها السائل الكريم أن تستبسط داء العشق، فيكون علاجك له مجرد نصائح نظرية، فالعشق إن تمكن من القلب لا يطرده إلا رسوخ الإيمان وعلى ذلك أستطيع نصحك تجاهه بثلاثة أمور:
1- ترك الوحدة، والسكنى مع أصحاب خير وأصدقاء تقوى أو غير ذلك من الأساليب التي لا تتركه وحده.
2- أن يدرب نفسه على الاشتغال بالعبادة الثابتة كصلوات الجماعة والصيام الدوري وأذكار الصباح والمساء وحضور جلوس العلم ومحاضراته.
3- ليكن علاجه للعشق علاج البتر، فهو أحسن علاج، فليقطع عنها كل سبيل للاتصال، وليقطع عن نفسه كل سبيل للعودة، فلقد كانت له تلك الفتاة معصية لربه، ومجلبة لغضب القهار العظيم، ومبعدة للرزق ومدنية للشياطين.
وليحاول ما استطاع البحث عن زوجة صالحة، وليكن دورك معه محاولة ترسيخ الإيمان في قلبه والاستشعار بمعنى محبة الله وعظمته وجلاله. وفقكما الله.
الكاتب: خالد رُوشه.
المصدر: موقع المسلم.